بقلم: كوثر سامي/محللة سلوك معتمدة وأخصائية نفسية تربوية
الحادثة المؤلمة التي وقعت مؤخرا في مدينة طنجة، حيث فقدت رضيعة لا تتجاوز الستة أشهر حياتها على يد طفلة في الثامنة داخل حضانة غير مرخصة، ليست مجرد مأساة عابرة… بل صرخة مدوية في وجه الإهمال التربوي والاجتماعي الذي يطال أطفالنا.
كيف لبراءة أن تزهق براءة؟
سؤال موجع… لكنه يستدعي منا فهماً عميقاً أكثر من استنكارٍ سطحي.
🔹 من الزاوية النفسية:
الطفلة الجانية لم تكن مجرمة… بل ضحية لغياب الرعاية والاحتضان.
حين تُحمَّل طفلة مسؤولية رعاية رضيع، وهي نفسها في حاجة لمن يرعاها، فإننا نزرع بذور الارتباك العاطفي والغضب المكبوت.
قد تكون تصرفت تحت ضغط نفسي شديد، مزيج من القهر والإهمال والشعور باللامبالاة، فتحوّل عجزها الداخلي إلى سلوك عدواني تجاه من هو أضعف منها، إنها حالة من العدوان التحويلي، حيث يفرّغ الطفل غضبه في غير مصدره الحقيقي.
🔹 من الزاوية الاجتماعية:
المشكل لا يكمن فقط في الفعل، بل في البنية التي سمحت بحدوثه:
– حضانات تشتغل دون ترخيص أو كفاءات تربوية.
– أسر مضغوطة تبحث عن حلول مؤقتة دون وعي بخطورة ترك أطفالها في مؤسسات عشوائية.
– غياب الرقابة النفسية والتربوية داخل فضاءات يفترض أن تكون آمنة.
🔹 الحلول الممكنة:
1. فرض مراقبة صارمة على كل فضاء يحتضن الأطفال.
2. إلزام المؤسسات بوجود مختص نفسي أو محلل سلوك لمتابعة النمو العاطفي للأطفال.
3. تحسيس الأسر بأهمية التواصل والاحتضان اليومي لأبنائها.
4. إدماج التربية العاطفية في المناهج الدراسية.
5. التكفل النفسي العاجل بالطفلة التي ارتكبت الفعل، لأنها ضحية قبل أن تكون جانحة.
🕯️ هذه الحادثة المؤلمة ليست استثناء، بل مرآة لما يعيشه بعض أطفالنا من تهميش عاطفي وغياب للاحتواء.
إذا لم نحتضن الطفولة، فسنصحو على أجيال تائهة لا تعرف معنى الأمان.
فلنحمِ الطفولة… لأن ضياعها هو ضياع إنسانيتنا.